الاتحاد الأوروبي في الجزائر: تعاون ديناميكي رغم التحديات المستمرة
تحافظ **الاتحاد الأوروبي (UE)** على علاقة استراتيجية مع الجزائر، تتميز بمبادرات ملموسة وطموحات مشتركة، لكنها تشهد أيضًا توترات متكررة. تُنظَّم هذه الشراكة من خلال اتفاق الشراكة الذي وُقِّع سنة 2002 ودخل حيّز التنفيذ في 2005، وتشمل مجالات متعددة كالحوار السياسي، التجارة، الطاقة والحوكمة. ومع اقتراب عام 2025، الذي يُعد محطة مفصلية لمراجعة العلاقات الثنائية، يسعى الطرفان إلى تعزيز شراكتهما وسط تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة.
مبادرة موجهة للصحفيين الشباب
أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر مؤخرًا دعوة موجهة للصحفيين الشباب وطلبة الصحافة دون سن الثلاثين، وذلك عبر برنامجها "شبكة ميديا كونيكت". نُشرت الدعوة على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 10 يوليو 2025، ودعت المهتمين بسرد القصص إلى المشاركة في ورشات عمل، ورحلات صحفية، ومشاريع إعلامية مبتكرة. تهدف المبادرة إلى تطوير مهاراتهم، وتعزيز التعاون الإقليمي، والترويج لروايات شاملة وبنّاءة. يُدعى المهتمون للانضمام إلى الشبكة من خلال رابط متاح في السيرة الذاتية لحساب البعثة. وتندرج هذه المبادرة ضمن التزام أوسع للاتحاد الأوروبي بدعم الشباب والمجتمع المدني في الجزائر، وتشجيع صحافة حرة وملتزمة.
شراكة اقتصادية استراتيجية
يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للجزائر، إذ يمثل قرابة ثلثي صادراتها، خاصة في قطاع الطاقة. من جهتها، تحتل الجزائر المرتبة الثالثة كمزود للاتحاد الأوروبي بالغاز الطبيعي، وهو دور حيوي في ظل الانتقال الطاقوي العالمي. ومنذ سنة 2011، خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 273.3 مليون يورو كمساعدات مالية لدعم التنويع الاقتصادي، الطاقات المتجددة، والحوكمة في الجزائر. وتُرمي هذه الجهود إلى مرافقة البلاد في تقليص اعتمادها على المحروقات وتعزيز التنمية المستدامة.
توترات وتحديات
رغم هذه المكاسب، لا تخلو العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي من التوترات. فقد طالبت الجزائر بإعادة تقييم اتفاق الشراكة سنة 2015، معتبرة أنه يصب في مصلحة الطرف الأوروبي أكثر. وقد أدى ذلك إلى اعتماد أولويات جديدة للشراكة سنة 2017، تركز على الحوار السياسي، والتنمية الاقتصادية، والأمن. ومع ذلك، فإن الانتقادات الأوروبية المتعلقة بوضعية حقوق الإنسان والعمليات الانتخابية في الجزائر زادت من حدة التوتر. واعتبرت الجزائر بعض قرارات البرلمان الأوروبي تدخلاً في شؤونها الداخلية.
في يوليو 2025، أثار إدراج الجزائر في قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب – وذلك تماشياً مع "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي (GAFI) الصادرة في أكتوبر 2024 – جدلاً واسعاً. وقد وصفت السلطات الجزائرية هذا القرار بأنه منحاز، متهمة الاتحاد الأوروبي بتسييس قضايا تقنية.
رغبة في التعزيز عام 2025
تُصر بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر، بقيادة السفير دييغو مياديت، على أهمية الجزائر كشريك استراتيجي. ويُعد عام 2025، الذي يصادف الذكرى العشرين لدخول اتفاق الشراكة حيّز التنفيذ، فرصة لإعادة تقييم وتعزيز العلاقات الثنائية. وتُجرى حالياً محادثات لتوسيع التعاون في مجالات رئيسية مثل الطاقة المتجددة، والتعليم، والأمن الإقليمي، مع السعي لتجاوز الخلافات السياسية.
في الختام، تبقى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر توازناً دقيقاً بين شراكة مثمرة وتحديات هيكلية. وتُظهر مبادرات مثل "شبكة ميديا كونيكت" التزاماً حقيقياً تجاه الشباب والمستقبل، غير أن النجاح طويل الأمد سيعتمد على قدرة الطرفين على توحيد الأولويات وتجاوز الخلافات.
عرض المزيد من الأخبار